محمد بن عبد الكريم الخطابي .. أمير الريف وصانع مجدها وبطل حرب الريف التحريريةاغسطس 19, 2007 in
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] | by
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] كلما حلت ذكرى من ذكريات لها صلة بالبطل محمد بن عبد الكريم الخطابي، إلا وأجد يراعي يدفعني دفعا كي أدبج كلمات صادقة في حق الرجل/الملحمة، إسهاما متواضعا مني في إحياء ذاكرة هذا المجاهد الفذ، واستنهاض روح البطولة ومحاولة استنبات شروط النهضة في أوطاننا العربية والإسلامية.في فاتح رمضان الأبرك 1382هـ، الموافق ل 6 فبراير 1963م، رحل عن هذا العالم عبقري فذ من عباقرة المقاومة، في أخلاقه وسياسته ودبلوماسيته، وعمله وعلمه،… وبهذا كله بهر الرجل أعداءه قبل أصدقاءه.وليس كل هذا بغريب عن المجاهد الخطابي وهو الذي تربى على المقاومة منذ صغره في بيت والده المجاهد عبد الكريم الخطابي، الذي لقنه روح الجهاد، والعلم، وتابع نشاطاته إلى أن توفي رحمة الله عليه.وليس غريبا أيضا على الخطابي الولد أن يكون كذلك، وهو الذي ينتمي إلى منطقة الغرب الإسلامي الذي أنجب مجاهدين من الطراز العالي أمثال طارق ابن زياد، ويوسف بن تاشفين ويعقوب المنصور الموحدي، وأحمد المنصور الذهبي، والأمير عبد القادر الجزائري، وعمر المختار، وغيرهم..وقد شهدت له أوروبا بذلك، عندما تبنت معاهدها العسكرية نظريته في حرب العصابات التي استفاد منها القاصي والداني والتي دوخت المحتلين.كان أمير المجاهدين محمد بن عبد الكريم الخطاي، متشبعا بشروط المقاومة والنهضة في آن واحد، حيث راهن في البداية على دحر الاحتلال الاسباني وفي نفس الوقت على إشاعة روح التدين والعلم والعمل المجد لبناء منطقة الريف والذود عنها.
ذاكرة الخطابي، والتعتيم المستفز
هل قدر للمجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي، أن يعيش في المنفى في حياته ومماته، وإن كنا لا نعتبر مصر منفى له، لأنها استقبلته وآوته ومنحته حرية لم تمنح له في بلده، حيث قضى الرجل حياته بين الجهاد ومرارة النفي في جزيرة لارينيون والقاهرة، إلى أن لقي ربه. وها هو الآن، تطوي ذاكرته النسيان في إعلامنا التافه ومناهج تعليمنا الضحلة.فأين إعلامنا الرسمي وأين صحافتنا الرسمية الحرة، وأين دروس التاريخ والجغرافيا، وأين المهرجانات، وأين الجمعيات…؟
ألا تخجل وزارة الاتصال ووزارة الثقافة، من كونهما تبدلان مجهودات جبارة معنويا وماديا، لإحياء مهرجانات موسيقية وفولكلورية في جل مناطق المغرب، ولا تجهدا نفسيهما في إحياء ذاكرة المقاومة الريفية، وإنشاء مراكز أبحاث ودراسات لتوثيق تراث المقاومة وكذا إعداد أفلام وثائقية وتشجيع المخرجين السينمائيين على إخراج أفلام حوله ..
ألا يخجل هؤلاء من الحرص الشديد لدى مؤسسات أمريكية وأوروبية وأسيوية على إحياء تراث الخطابي من خلال إعداد دراسات وأبحاث ومؤلفات وأطاريح جامعية؟
ألا يخجل هؤلاء، من أن إسبانيا تسعى جاهدة في التعريف بالخطابي العدو اللدود و الكابوس لأطفالها بالمدارس؟
إن صيت الرجل عبر الحدود والمحيطات وأضحى درسا نموذجيا لن ينسى أبد الدهر، هل يمكن للمرء أن ينسى ملامح أنوال، وأدهار أبران، وسيدي ابراهيم، وإغريبن والعروي؟
الخطابي، وهيئة الإنصاف والمصالحة
مرت سنتان على إعلان مسؤولي الهيئة عن عزمهم إعادة رفات المجاهد محمد عبد الكريم الخطابي إلى بلاده، وقد ذهب أحدهم آنذاك إلى القاهرة للتفاوض مع أبناء الخطابي حول ذلك وتم الاتفاق من حيث المبدأ على ذلك، من دون التوصل إلى تفاصيل العملية، فقضية المجاهد كما يقول ولده سعيد الخطابي في استجوابه مع المجلة الفرانكفونية تيل كيل عدد ,210 بتاريخ 28 يناير خ 3 فبراير ,2006 لا يمكن معالجتها باعتباره ضحية من ضحايا سنوات الرصاص، أو ما بعد الاستقلال..إنها قضية لها وزنها ورمزيتها، لكن الابن سعيد الخطابي يقر الدكتور، بأن ملف والده قد عرف تقدما ملموسا منذ زيارة جلالة الملك محمد السادس إلى الريف.ولاشك أن جميع المغاربة سيكونون سعداء إذا ما تم نقل رفات المجاهد الخطابي إلى بلده، لكن الكل يتمنى أن يتم ذلك بعد القيام بالإجراءات التالية:
- مطالبة الدولة المغربية من إسبانيا وفرنسا بالاعتذار عن مرحلة الاحتلال، وعن استعمال الغازات السامة وبعض الأسلحة المحظورة.
- إن المصالحة الحقيقية تتجسد في إنهاء سياسة التهميش ضد منطقة الريف وإرجاع كرامة أهلها، وإدماج المنطقة اقتصاديا وإداريا…
- الاعتناء بتراث محمد بن عبد الكريم الخطابي، عن طريق إحداث مركز للدراسات والأبحاث ومتحف يليق بمكانة الرجل.
- إعادة كتاب تاريخ المغرب، خاصة المتعلق بالمقاومة الريفية.
-ضرورة رد الاعتبار إلى حرب الريف التحريرية إعلاميا وتعليميا وفنيا.
-تجاوز سلبيات الماضي من أجل خدمة المستقبل.
الخطابي ما زال حيا في ضمير الأمة
لقد غادرنا المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي بجسده لكن فكره ونضاله وعبقريته ضلت وستظل نبراسا لكل أبناء المغرب ولكل الأحرار في العالم.
وفي هذا الإطار، نترك نجلة المجاهد السيدة عائشة الخطابي تروي لنا كلمة عظيمة قالها والدها رحمه الله قبل تحقيق النصر في معركة أنوال الخالدة: أنا لا أريد أن أكون أميرا و لا حاكما وإنما أريد أن أكون حرا في بلدي حر، ولا أطيق من سلب حريتي أو كرامتي.
أما بعد الانتصار، فقال في اجتماع مع رجال الريف الذين توافدوا عليه بأعداد غفيرة يريدون إعلانه سلطانا، قال قولته الشهيرة، لا أريدها سلطنة ولا إمارة ولا جمهورية ولا محمية، وإنما أريدها عدالة اجتماعية، ونظاما عادلا يستمد روحه من ثراتنا. وتضيف السيدة عائشة بأن هذه الكلمات المأثورة عن الأمير نقلها عنه رفيق دربه المجاهد بوجيبار في مذكراته.
وأختم هذه الورقة بما سجلته صحيفة ديسلدوفر ناخريشتن يوم 27 مايو 1929 تحت عنوان (نهاية عبد الكريم): إن تعاطف كل أوروبا يرافق، في المعسكر الفرنسين الزعيم الريفي البطل الذي كان لمدة سنين طوال من الكفاح روح حركة التحرير في القبائل المغربية، تأسفنا شديدا لانهزامه، ليس على أساس أنه كان عدوا لفرنسا، ولكنه لأنه كثيرا ما حقق انتصارات من أجل الدفاع عن حقوق شعب مضطهد، رغم التفوق الهائل لقوات دولتين أوربيتين كبيرتين
عبد الكريم الخطابي: حرب الريف والرأي العام العالمي، الطيب بوتبقالت، سلسلة شراع (14) ص .89
————————————
مصطفى زيان
التجديد